سياسة

تقرير استراتيجي: معطيات قوية تدفع نحو تصنيف البوليساريو تنظيماً إرهابياً

أصدر معهد هدسون الأمريكي في 18 أبريل 2025 تقريراً استراتيجياً أعدّته الباحثة زينب ريبوع، دعت فيه الإدارة الأمريكية إلى تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية. التقرير كشف، مدعماً بالوثائق والشهادات، عن الأدوار التخريبية والمتشابكة للجبهة في زعزعة استقرار منطقتي شمال وغرب إفريقيا، إلى جانب تهديدها المباشر للمصالح الأمريكية والأمنين الإقليمي والدولي.

ويمثل هذا التقرير نقلة نوعية في الموقف الأمريكي تجاه قضية الصحراء المغربية، خاصة بعد سنوات من التردد والمواقف المحايدة. وأكدت الباحثة أن اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء في عام 2020 خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب لم يكن مجرد إعلان رمزي، بل تعبير عن تحول استراتيجي يتماشى مع الحقائق الجيوسياسية الجديدة، حيث أصبح المغرب شريكاً موثوقاً من خارج حلف الناتو، وركيزة أساسية في جهود محاربة الإرهاب والتطرف ومكافحة الهجرة غير الشرعية.

وأشار التقرير إلى عدة وقائع تدعم بشدة مطلب تصنيف البوليساريو تنظيماً إرهابياً، من بينها خرق اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1991، وسرقة المساعدات الإنسانية الدولية لاستخدامها في دعم بنيتها العسكرية، بحسب تقارير من المكتب الأوروبي لمكافحة الغش. كما فضح التقرير تورط الجبهة في علاقات تعاون عسكري مع تنظيمات إرهابية، مثل حزب الله اللبناني وحزب العمال الكردستاني، إلى جانب حصولها على طائرات مسيرة من الحرس الثوري الإيراني، بوساطة جزائرية.

كما تطرق التقرير إلى أنشطة تهريب السلاح التي تقوم بها البوليساريو إلى الجماعات الجهادية المنتشرة في منطقة الساحل، مما يشكل تهديداً مباشراً للقوات الأمريكية العاملة هناك. ولفت إلى علاقة بعض قادة الجبهة بجماعات متطرفة، وعلى رأسهم عدنان أبو الوليد الصحراوي، الذي انشق عن البوليساريو ليقود فرع تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، وهو المسؤول عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل جنود أمريكيين في النيجر عام 2017. هذا المثال يعكس كيف تحولت مخيمات تندوف إلى بؤر للتطرف والتجنيد والتهريب.

ويربط التقرير بين دعم البوليساريو ومحور إيران-روسيا-الصين، حيث تستغل هذه القوى الجبهة عبر الجزائر وجنوب إفريقيا لتعطيل الاستقرار الإقليمي، وإضعاف المغرب، والحد من دوره المتنامي في المنطقة. وبيّن أن الجزائر، التي تستضيف قيادة البوليساريو وتمول أنشطتها، أصبحت جزءاً من تحالف معادٍ للولايات المتحدة يسعى لتغيير ميزان القوى في شمال إفريقيا، في حين تواصل جنوب إفريقيا عرقلة أي تسوية أممية عادلة بحكم توجهاتها الأيديولوجية المناهضة للغرب، مما يفسح المجال أمام المجموعات الجهادية ومرتزقة “فاغنر” للتمدد.

وحذر التقرير من أن التردد الأمريكي في اتخاذ موقف حاسم تجاه البوليساريو يمثل ثغرة استراتيجية في منطقة ذات أهمية قصوى للمصالح الأمريكية. ودعا بشكل صريح إلى تصنيف الجبهة منظمة إرهابية، مؤكداً أن هذه الخطوة ستقوي من موقع واشنطن في التنافس الدولي، وتؤكد دعمها لحلفائها المخلصين، وفي مقدمتهم المغرب، كما ستوجه رسالة قوية إلى خصومها بأنها لن تتهاون مع وكلاء عدم الاستقرار المرتبطين بإيران وروسيا والصين.

في النهاية، يُعد هذا التقرير مؤشراً واضحاً على تحوّل جذري في مقاربة مراكز البحث الأمريكية للنزاع في الصحراء المغربية، ويعزز من صورة المغرب كشريك موثوق وفاعل استراتيجي في بيئة مضطربة. وإن أخذت الإدارة الأمريكية بتوصيات هذا التقرير، فسيُعد ذلك منعطفاً حاسماً في طريق تسوية هذا النزاع المفتعل، ونهاية وشيكة للبروباغندا الانفصالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى