يعاني كبار السن وحتى المشاهير منهم من الوحدة والشعور بالغربة في اوطانهم وعقر دارهم بل حتى في وسطهم العائلي الذي يفكر احيانا في اقتسام الميراث قبل ان ينتهي المسار ، بل ويستكثرون عليهم الارتباط والزواج بمن يحبون مخافة ضياع الاملاك دون التفكير في سعادة هؤلاء المشروعة ، يعانون من الامراض المزمنة والفقدان التدريجي للقدرات وتخلي المحيطين بهم ، وانطفاء الاضواء وخفوت نجمهم الذي كان ساطعا وجعل منهم كائنات متميزة عن بني البشر ، لذلك واضافة الى كون فقدان الشباب والشهرة يعتبر غرقا وموتا بطيئا خصوصا بالنسبة لمنعدمي العقيدة وغير المتصالحين مع الذات ، فان تنكر الاهل والابناء والتفكير فقط في اقتسام اموال الهالك الذي لم يكن بعد قد لقي حتفه تجعل من اقتراب النهاية امر مؤلم للغاية ، ويجعل المعني بالامر يطرح عدة علامات استفهام حول هذا المحيط المتنكر المتجني المنعدم الاحساس وكأنه لن يصل يوما الى نفس المرحلة التي يحتضر فيها المسن بعيدا عن الطمأنينة والرضى عن النفس
لكن لما تعلن الوفاة يهرع الجميع لتعداد محاسن الهالك وتاريخه وامجاده وتقام المراسيم ويلتقي الاهل والخلان والمسؤولون وحتى الاعداء من اجل تأبينه وتبجيله وتمجيده ونثر الزهور والورود على لحده !
الم يكن من الاجدر مؤازرته ومواكبته وتركه يرتبط بالزواج بمن شاء ومتى اراد تحقيقًا لسعادته بدل التفكير فقط في ثرواته إن وجدت ؟ احتراما لوجوده واعتباره كائنا حيا وانه لم يصر بعد في عداد الاموات ؟
اكرموا الاحياء اثناء حياتهم ولا تسرفوا في تبجيل الاموات بعد رحيلهم وانتبهوا الى كل من فقد الشهرة والاضواء و الدفء العائلي والعلاقات الاجتماعية وفقد الشباب والجمال واصبح الكل ينتظر فقط رحلته الاخيرة ولكن يصير هرما وجبلا شامخا بعد مواراته التراب! امنحوهم زهرة وحسن استماع اثناء حياتهم بدل وضع اكاليل الزهور على ارماسهم وكتابة القصائد الشعرية التي لن يقرأها من صمت الى الابد.
سليمة فراجي.