ذعر في الجزائر: الغونكور الذي يهز الجنرالات

كمال داود: المرشح المفضل لجائزة الغونكور الذي يهز العسكريين في الجزائر

في الليلة التي تسبق منح جائزة الغونكور المرموقة، يسيطر الذعر على الدوائر الحاكمة في السلطة العسكرية بالجزائر. كمال داود، بروايته “الحوريات”، هو المرشح المفضل للفوز غدًا بأرقى جائزة أدبية باللغة الفرنسية، وهي جائزة تكرم عمالقة مثل مارسيل بروست، أندريه مالرو، وسيمون دو بوفوار. الروائي الجزائري كمال داود قد يتوج غدًا بجائزة الغونكور المرموقة، واحدة من أرقى الجوائز الأدبية في العالم الناطق بالفرنسية. هذه الجائزة، التي أُسست في عام 1903، كرمت كتابًا بارزين مثل مارسيل بروست، سيمون دو بوفوار، وأندريه مالرو، ويتم منحها في منتصف النهار في مطعم دروان في باريس، كما تقتضي التقاليد منذ إصدار عام 1914. إذا تحقق هذا التكريم، فسيكون ليس فقط اعترافًا لمؤلف “مورسو: ضد التحقيق” (جائزة غونكور لأفضل رواية أولى في 2015)، بل أيضًا حدثًا مهمًا للأدب الجزائري.

في الكواليس، ماكينة الرقابة تتحرك لتفجير كمال داود

قبل هذا الإعلان، أفادت مصادرنا أن أجهزة الجزائر تتحرك في الظل من خلال ممارسة ضغوط وت intimidations خفية، مباشرة على أعضاء لجنة تحكيم جائزة الغونكور وعلى كمال داود نفسه في الوقت الذي نكتب فيه، بهدف تفجير هذه المكافأة. مصادرنا أبلغتنا أن التهديدات والمخاوف تتراوح من التهديدات الدبلوماسية الخفية إلى الرسائل المجهولة، متهمة الكاتب بالخيانة، والتشهير، وصولاً إلى استحضار ماضيه المزعوم كإسلامي أو ادعاءات بالعنف المنزلي. ماكينة التشويه تعمل بكامل طاقتها.

ماذا يخشى النظام العسكري في الجزائر لدى كمال داود، إلى درجة الرغبة في إسكاته بعد فشله في تكميم هشام عبود؟ الجواب ليس مجرد حساسية تجاه النقد، بل حساب بارد: خلف الهيبة الأدبية يبرز تهديد آخر أكثر رعبًا للنظام: الحقيقة. في الواقع، التغطية الإعلامية الدولية للكتاب تهدد بإعادة إثارة نقاش يسعى النظام لإسكات صوت، وتسرع من الاضطرابات الجيوسياسية التي يخشاها النظام أكثر من أي شيء آخر.

تكمن مخاوف النظام جزئيًا في قدرة المثقفين على التأثير في الرأي العام. الجزائر المستقلة منذ 1962 لم تعرف أبداً فصول رقابة بهذه الوحشية والفجاجة. آخر مثال على ذلك: الناشر الفرنسي غاليمار، الذي ينشر كمال داود، منع من المشاركة في معرض الكتاب الدولي بالجزائر 2024. كما تم منع الناشرين من عرض كتبه، بالإضافة إلى كتب بوعلام صنصال ومحمد صيفاوي، لأنهم جزء من “القائمة السوداء” الشهيرة التي فرضتها فرع الأجهزة الأمنية على وزارة الثقافة. بالإضافة إلى ذلك، تم رفض السماح بقدوم الحائزة على جائزة نوبل في الأدب 2022 آن إيرنو، التي تم دعوتها من قبل المعهد الفرنسي في الجزائر في عام 2023. وقد تم تبرير هذا الرفض بتوقيع الكاتبة، إلى جانب مثقفين من جميع أنحاء العالم (نعوم تشومسكي، كين لوتش، أخيل مبيمبي، عبد اللطيف اللعابي، إلخ)، على مقال يدعو السلطات الجزائرية إلى الإفراج عن الصحفي ورجل الأعمال El Kadi Ihsane، الذي تم احتجازه بشكل غير عادل وفقًا للعديد من المراقبين الدوليين، وتم الإفراج عنه في 1 نوفمبر 2024. على الرغم من أن هذا الإفراج هو ثمرة لحملة دولية وضغوط مورست لا سيما من البرلمان الأوروبي والسفارة الأمريكية، إلا أن النظام قام بتنسيق الإفراج عنه بعد عام من ذلك، ليحافظ على المظاهر، من خلال تقديم فكرة “عفو رئاسي“.

العقد الأسود المعاد زيارته

لكن هناك ما هو أكثر رعبًا للنظام العسكري في الجزائر: الحوريات تفتح صفحة من التاريخ التي يرغب النظام في إبقائها مغلقة بإحكام: تلك المتعلقة بالعقد الأسود. هذا الإبراز الإعلامي في فرنسا والدولي لتصريحات كمال داود النقدية حول الصمت المفروض بموجب الميثاق، حول غياب المعالجة في المناهج الدراسية، حول تجاهل الضحايا. يتناول هذا الموضوع المحظور في الجزائر، من خلال رواية “فجر”، الناجية الصامتة من مذبحة وحشية. هذه المواجهة المباشرة، التي تبرزها التغطية الإعلامية الدولية التي يمنحها جائزة الغونكور المرموقة، ستسلط الضوء على جوانب مظلمة من التاريخ الجزائري التي يفضل النظام تجاهلها، لا سيما الاتهامات بجرائم الحرب التي تشمل شخصيات عسكرية حالية.

في الواقع، تظهر شخصيات مثل الجنرال شنقريحة والجنرال عبد القادر حداد، الذين توثقت مسؤولياتهم في اغتيالات المدنيين والإعدامات بدون محاكمة في أعمال أخرى، في ضوء مثير للاحتجاج. في الحرب القذرة لحبيب سويدية (إصدارات لا ديسكوفير، 2001)، تم الإشارة إلى “العقيد شنقريحة” – الذي كان غير معروف للجمهور في ذلك الوقت، قبل أن يصبح أحد أقوى رجال النظام – 14 مرة. يروي سويدية مسؤوليته المباشرة عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا، بما في ذلك شخص واحد أطلق عليه النار بدم بارد، تاركًا جثته في بركة من الدم، بالإضافة إلى ثمانية انتهاكات لاتفاقيات جنيف وتسع انتهاكات لقانون الجيش، خلال الفترة من 1993 إلى 1995 فقط في منطقة لخضرية. ما يكفي لتجميد العسكريين الحاليين في السلطة. حقيقة يسعى النظام لدفنها منذ عقود. منظور يرعب نظامًا اعتاد على إدارة التاريخ كسر من أسرار الدولة، واستخرج بطاقة “عدم التدخل” في الشؤون الداخلية للجزائر. ستكون هذه ضغطًا إضافيًا على النظام الذي يواجه ضغوطًا ملحوظة بسبب عدم شرعيته في السلطة: إخفاقاته الدبلوماسية، لا سيما مع البوليساريو، الأزمة الحالية مع الطلاب في مجال الطب الذين يطالبون بحقوقهم في التنقل وحياة أكثر كرامة.

هذا ما يثير الرعب في نظام الجزائر العسكري: ليس فقط جائزة الغونكور بحد ذاتها ولكن ما يمكن أن تثيره. إذا استمرت أجهزة المخابرات في تكثيف جهودها لتخويف لجنة التحكيم والكاتب، فذلك لأن التغطية الإعلامية الدولية تهدد بكشف ما هو أكثر انفجارًا: إعادة تسليط الضوء على العقد الأسود والارتباطات المباشرة لبعض الجنرالات، الذين هم في السلطة اليوم، في جرائم ضد الإنسانية وإعدامات بدون محاكمة خلال تلك الفترة. حقيقة ظن النظام أنه دفنها إلى الأبد، من خلال اللجوء إلى أساليب من عصر الشتاوي والأمنيات، بما في ذلك اغتيال الجنرال العربي بن ناصر، مدير العدالة العسكرية، الذي كلفه الرئيس بوتفليقة بالتحقيق في هذه الوقائع. الآن، من خلال أقلام أفضل الأدباء الجزائريين، قد تعود الحقيقة للظهور تحت أضواء أعلى جائزة أدبية: جائزة الغونكور.

الهيبة الأدبية أمام السلطوية العسكرية

غدًا، لن تصدر لجنة تحكيم جائزة الغونكور حكمًا فقط على مصير رواية. ستقرر ما إذا كانت الحقيقة التاريخية يمكن أن تنتصر على التخويف، وما إذا كانت الأدب لا يزال لديه القدرة على هزيمة الخوف. ستبقى أعين عالم الأدب مشدودة إلى هذا الإعلان، بينما يحتفظ النظام العسكري في الجزائر بأنفاسه، مدركًا أن النقاش حول كمال داود وعمله يتجاوز بكثير مجال الأدب. لأنه بالإضافة إلى تكريم أدبي مرموق، فإن الأهمية الأساسية لحرية التعبير، بالإضافة إلى الدور الحيوي للكتاب في الدفاع عنها، هو مفهوم أصبح الكتاب والصحفيون الجزائريون يعانون من فقدان الذاكرة تجاهه.

النظام مدرك لذلك: يمكن أن يكون الكتاب أكثر رعبًا من جيش، والقلم أكثر تدميرًا من T-50.

المصادر:

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button