السلطات الجزائرية تكثف سياسة القمع قُبيل الانتخابات الرئاسية
خلال الخمس سنوات الأخيرة عملت السلطات الجزائرية على خنق الحريات الأساسية بشكل مبالغ فيه، وسنت قوانين تُقيّد التمتع بالحقوق والحريات، ما يتعارض مع دستور 2020 الذي ينص على الفصل بين السلطات واحترام حقوق الإنسان، قوانين لا تتسق مع المعايير الدولية، ولا تضمن تعزيز الحقوق الواردة في المعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر. كما أن السلطات ما فتئت على مر الخمس سنوات الأخيرة في تكثيف القيود الممنهجة المفروضة على حقوق الإنسان.
ودأبت السلطات الجزائرية في الأشهر الأخيرة التي سبقت انطلاق الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها يوم 7 سبتمبر 2024، على القمع المستمر، وفرضت القيود على الحريات بالنسبة للفاعلين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وكبلت المشاركة السياسية في البلاد، وخلقت بيئة وتصعيداً كبيراً في المناخ السياسي حرم الناس من حقوقهم في المشاركة السياسية، وفي حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، حيث اعتقلت السلطات، وحاكمت عشرات الناشطين والحقوقيين والمعارضين السياسيين. وما يزال المئات محبوسين احتياطيا، أو يقضون أحكاما في قضايا تتعلق بالحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، واتهامات معظمها تتعلق بجرائم الإرهاب ونشر أخبار كاذبة والإساءة إلى رئيس الجمهورية.
كما حلت السلطات أحزاب سياسية وجمعيات حقوقية، وما زالت السلطات في حملتها القمعية إلى غاية الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية للرئاسيات حيث رصدت منظمة شعاع توقيف واعتقال العشرات من الناشطين وتشديد الرقابة الأمنية والقضائية على العديد من المعارضين السياسيين، وقد كانت جل الاعتقالات الأخيرة على خلفية التعبير عن مواقفهم من الانتخابات أو إبداء آرائهم في المترشح لولاية ثانية الرئيس عبد المجيد تبون، أو الاحتجاج على استعمال وسائل الدولة لصالح المرشح عبد المجيد تبون. ومنذ انطلاق الحملة الانتخابية لاحظنا أن حملة الرئيس المترشح عبد المجيد تبون لديها تمويل جيداً وكانت واضحة على نطاق واسع من خلال التجمعات والملصقات والجداريات والحملات في الشوارع.
وقد لاحظنا إساءة استخدام الموارد الإدارية ووسائل الدولة من قبل مديري حملة عبد المجيد تبون، بما في ذلك استخدام المركبات الحكومية، وحملات المسؤولين العموميين أثناء توليهم مناصبهم الرسمية.
خلال الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية حظي المرشح عبد المجيد تبون بتغطية ساحقة على وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، من حيث التغطية الإخبارية لأنشطة الحملة الانتخابية وإذاعة تقارير ونشرات تشيد بإنجازات المترشح عبد المجيد تبون خلال عهدته الأولى، في حين لم يتلق المرشحون الآخرين سوى تغطية إعلامية ضئيلة، حيث اشتكى المترشحون المنافسون من تحيز الإعلام للرئيس المترشح عبد المجيد تبون، وانتقدوا التوزيع غير العادل للمساحات الإعلامية بين المترشحين للرئاسة، كما احتجوا على منح مساحات إعلامية لقادة أحزاب داعمة للرئيس المترشح عبد المجيد تبون بشكل مكثف خلال الحملة الانتخابية، وهذا ما يتنافى مع المواد 77 و78 من قانون الانتخابات وكذلك المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تُلزم وجوب المساواة بين مرشحي الانتخابات في الوصول إلى وسائل الإعلام وعدم التمييز بينهم.
تعبّر شعاع عن إدانتها الشديدة لاستمرار الانتهاكات الحقوقية من اعتقالات وتضييق أمني وقضائي لسياسيين معارضين وحقوقيين وناشطين، كما تدين استمرار السلطات الجزائرية في القمع والتضييق الممنهج على حرية الرأي وحرية التعبير، ممارسات تعتبرها شعاع دوس على أبسط متطلبات الانتخابات الحرة والنزيهة.
تدعو شعاع السلطات الجزائرية إلى وضع حد لحملة القمع ا ضد المعارضة، وأن تفرج فورًا عن المعتقلين جميعهم تعسفيًا لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الأساسية، وقبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الشهر المقبل، كما تدعو إلى رفع القيود الشاملة المفروضة على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والتجمع السلمي، وضمان احترام الحقوق والحريات بما في ذلك الرأي السياسي، المنصوص عليها في الدستور والمعاهدات الدولية.