Site icon leméditerranéen المتوسطي

الانتخابات الرئاسية الجزائرية! في عشية بدء الحملة، السلطة تلوح بشبح الحرب الأهلية!

قبل 48 ساعة من بدء الحملة الانتخابية الجزائرية، وتحت تأثير وزارة الدفاع الوطني، يواجه الجزائريون سيناريو أصبحوا معتادين عليه منذ سنوات: خطر الحرب الأهلية والإرهاب.

بقلم هشام عبود

بينما كانت الحملة الانتخابية على وشك البدء دون أن تثير حماسة حقيقية للناخبين، بثت وسائل الإعلام الجزائرية، بقيادة القنوات التلفزيونية العامة والخاصة، صوراً لشاب يعترف بانتمائه إلى حركة استقلال منطقة القبائل (MAK). هو مقيم في فرنسا وتم القبض عليه في ميناء بجاية في 4 أغسطس، وهو على متن مركبة محملة بالأسلحة والمتفجرات القادمة من مارسيليا.

بعد عشرة أيام، أي في 14 أغسطس، وقبل بدء الحملة الانتخابية للمرشحين الثلاثة للمسؤولية العليا، كشفت وزارة الدفاع الوطني عن تفاصيل هذه القضية للجمهور. الأهداف هي “إثارة الاضطرابات وعدم الأمن” و”تعطيل سير الانتخابات الرئاسية الجزائرية في 7 سبتمبر”، كما ورد في بيان وزارة الدفاع الوطني. كل شيء قد قيل. الانتخابات الرئاسية مهددة، واستقرار البلاد معها. حرب أهلية تلوح في الأفق. هناك دعوات لـ “تعبئة الشعب حول قادته.”

القضية بعيدة عن إقناع الرأي العام الجزائري، حيث تبدو القصة مفبركة بشكل مبالغ فيه. مركبة تحمل “46 سلاحاً نارياً بمقاييس مختلفة، كمية كبيرة من الطلقات والرصاص والمقذوفات بمقاييس متنوعة، 12 منظاراً، 10 أسلحة بيضاء، مجموعة من الأجزاء والإكسسوارات للأسلحة النارية، معدات ومواد خام لصناعة الذخائر، جهاز تحديد المواقع GPS، حواسيب وهواتف محمولة وأشياء أخرى متنوعة” عبرت البحر الأبيض المتوسط من ميناء مارسيليا.

بالنسبة لصناع القرار وكتّاب السيناريوهات لديهم، لا يهم ما يفكر فيه المواطن الجزائري. “يجب أن يقتنع بأن الجزائر مهددة في استقرارها وسلامتها. لذلك، يجب على الجميع أن يوافقوا ويدعموا الإجراءات القمعية المتخذة ضد المواطنين من هذه المنطقة المتمردة، القبائل. وهكذا، لم يتم تسجيل أي إدانة لاعتقال وسجن 21 مواطناً، بينهم امرأة، بتهمة الانتماء إلى شبكة تديرها أجهزة استخبارات أجنبية”، على الرغم من أن أسماء هذه الأجهزة الأجنبية غير مذكورة في بيان وزارة الدفاع الوطني.

على الرغم من أن الحملة الانتخابية تفتح بشكل خجول جداً، ولا يوجد ما يشير إلى أنها ستصبح أكثر حيوية في الأيام المقبلة، فإن صناع القرار لا يهتمون بالمنافسة بين المرشحين الثلاثة المختارين. النتائج معروفة مسبقاً، ولا يوجد شك في النتيجة النهائية للتنافس الانتخابي، مع توقع فوز عبد المجيد تبون الذي سيتولى المنصب مجدداً. رهان صناع القرار مختلف. إنه يركز على نسبة المشاركة، وخاصة من منطقة القبائل. في أعلى مستويات السلطة الجزائرية، لم ينسوا مقاطعة منطقة القبائل التاريخية في عام 2019. لم تشهد الولايتان الرئيسيتان في المنطقة، تيزي وزو وبجاية، أي بطاقة تصويت واحدة في صناديق الاقتراع التي بقيت مغلقة تحت الضغط الشعبي.

لتحقيق هدف نسبة مشاركة عالية، لا يوجد أفضل من رفع ورقة الحرب الأهلية لتحفيز السكان، داعين إياهم للرد على “أعداء الأمة” بمشاركة قوية في الانتخابات الرئاسية لإثبات التحالف المقدس بين السلطة والشعب.

أما بالنسبة لتحدي كسر مقاطعة القبائل، يتم استخدام أداتين. أولاً، اختيار مرشح من أقدم حزب معارض، تأسس بعد الاستقلال في عام 1963، تحت قيادة أحد الشخصيات التاريخية في الحرب التحريرية، حسين آيت أحمد. حتى لو فقد هذا الحزب الكثير من مكانته وأصبح مجرد ظل لنفسه، فإنه سيخدم على الأقل لكسر المقاطعة حتى من خلال مشاركة جزء ضئيل من سكان القبائل. بالإضافة إلى ذلك، تأتي الأداة الثانية، وهي القمع. هذه الأداة بدأت تُستخدم مع اعتقال 21 شخصاً بتهمة الإرهاب.

ويجب أن يُذكر أن الدعوة إلى المقاطعة تعرض العقوبات القضائية. هذا ما تعلمه الصحفي مرزوق تواتي على حسابه الخاص، حيث وضع تحت الرقابة القضائية منذ أيام قليلة بعد أن نجا بصعوبة من السجن. هو متهم بالإساءة إلى شخص رئيس الجمهورية وتحريض على مقاطعة الانتخابات.

يوسف عوشيش (40 عاماً)، مرشح حزب الفجر الجديد، طموحه الوحيد هو أن يصبح على رأس أحد الأقطاب السياسية الثلاثة التي ستنظم الآن الساحة السياسية الجزائرية كما تخيلها عقل الرئاسة، العقيد محمد شفيق مصباح، مستشار في الإيليزيه.

المرشح الثالث، الذي يتنافس تحت راية الإسلاميين، عبد العالي حساني شريف (57 عاماً)، رئيس حركة مجتمع السلم، ليس لديه أي نية لمزاحمة مرشح صناع القرار. هو لا يفوت فرصة ليذكر محيطه أنه بالنسبة له “يشرفه أن يكون في منافسة انتخابية مع الرئيس تبون”.

Exit mobile version