بقلم بيدرو كاناليس
أدت التطورات الأخيرة في الوضع الجيوسياسي في غرب البحر الأبيض المتوسط (جنوب أوروبا وشمال إفريقيا) إلى ظهور ثلاثية للتنمية المستقبلية تضم فرنسا، المغرب، وإسبانيا، وهي ثلاثية استبعدت الجزائر نفسها منها بقرار ذاتي.
إن انتهاء الاتحاد المغاربي العربي، الذي تأسس عام 1989 من قبل الدول الخمس في شمال إفريقيا (موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس وليبيا) وتجميد مجموعة 5+5 (التي ضمت دول جنوب أوروبا: إيطاليا، مالطا، فرنسا، إسبانيا، والبرتغال إلى جانب الدول المغاربية)، وكلاهما نتيجة لقرارات النظام الجزائري، قد ترك هذه الثلاثية كخيار متعدد الأطراف الوحيد لتطوير المنطقة.
المثلث باريس-مدريد-الرباط
يعد هذا المثلث مرجعًا تاريخيًا، والذي انضمت إليه بشكل متقطع دول أخرى مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، البرتغال، ألمانيا وروسيا، إلا أن النواة الرئيسية كانت وما تزال فرنسا، إسبانيا، والمغرب. داخل هذه الدول، هناك من يدعمون المنافسة الثنائية كعامل للتنمية، وهناك من يدعون إلى التعددية الثلاثية لمواجهة مستقبل معقد ومتغير بسرعة، بالنظر إلى التطورات السريعة في الخريطة الجيوسياسية الدولية.
نقاط الالتقاء
- الرابط الثابت عبر مضيق جبل طارق
أعادت حكومتا إسبانيا والمغرب تفعيل المشروع الذي صاغه ألكسندر دي مارينش في السبعينيات والثمانينيات، وقبله ملوك المغرب وإسبانيا (الحسن الثاني وخوان كارلوس الأول على التوالي). كانت هناك نية لضم فرنسا إلى هذا المشروع، وقد أبلغت الحكومة الإسبانية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل سري. - اللوجستيات على الواجهة الأطلسية المغربية
هذا هو برنامج واسع للبنية التحتية الذي سيربط طنجة بجنوب المغرب، مرورًا بالدار البيضاء، ميناء أكادير، العيون، ومركز الدخلة، قبل أن يصل إلى موريتانيا، السنغال وخليج غينيا. - خط الأنابيب متعدد الجنسيات نيجيريا-المغرب (NMGP)
مشروع يمتد لمسافة 5,600 كيلومتر (7,000 مع الفروع) لتزويد 9 دول بالطاقة، مع إمكانية الاتصال بإسبانيا لنقل الغاز إلى أوروبا. يعد NMGP أحد المبادرات البارزة في رؤية المغرب الإفريقية. - فك عزلة منطقة الساحل وفتحها على المحيط الأطلسي
يهدف هذا المشروع إلى تمكين دول الساحل، مثل مالي، النيجر، تشاد وبوركينا فاسو، من الوصول إلى المحيط الأطلسي والاستفادة من شبكات التجارة العالمية.
تمثل هذه النقاط المشتركة للدول الثلاث فرصة تاريخية للمستقبل. يحمل إيمانويل ماكرون هذه النقاط في جعبته خلال زيارته القادمة إلى المغرب، في محاولة لتجاوز إرث الحقبة الاستعمارية الفرنسية في إفريقيا وجعل المغرب الحليف الرئيسي في سياستها الإفريقية الجديدة.
فرنسا وإسبانيا: شريكان ومتنافسان
لدى فرنسا مزايا مقارنة بإسبانيا: قدراتها العسكرية، المالية، والصناعية، وكذلك سياسة خارجية متماسكة. وقد سمح لها ذلك، من بين أمور أخرى، بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، وفتح مكتب لوكالة التنمية الفرنسية (AFD) في العيون، وربما فتح قنصليتين في العيون والدخلة.
من ناحية أخرى، تفتقر إسبانيا إلى نفس القوة، وحكومتها منقسمة حول القضايا المتعلقة بالسياسة الخارجية، بما في ذلك المغرب. لم تفتح إسبانيا مكتبًا لـ ICO في العيون ولا يمكنها الاعتراف علنًا بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.
ومع ذلك، تمتلك إسبانيا ميزتين يمكنها الاستفادة منهما في هذا السياق:
- أرخبيل جزر الكناري، وهو حاملة طائرات إسبانية حقيقية في المحيط الأطلسي، قريبة من الساحل المغربي، ولها إمكانات كبيرة في الاقتصاد، التجارة والاتصالات.
- سبتة ومليلية والصخور المتوسطية المرتبطة بهما، التي يمكن أن تتحول من مشاكل إلى فرص لتعزيز العلاقات الإسبانية المغربية، وبالتالي الأوروبية الإفريقية. فرنسا لا تمتلك أراضي أو سيادة قريبة من المغرب، بينما تمتلك إسبانيا ذلك.